بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال : إن شعيبا النبي وأيوب صلوات الله عليهما وبلعم بن باعوراء كانوا من ولد رهط ، آمنوا لابراهيم يوم احرق فنجا وهاجروا معه إلى الشام ، فزوجهم بنات لوط ، فكل نبي كان قبل بني إسرائيل وبعد إبراهيم عليه السلام من نسل اولئك الرهط ، فبعث الله شعيبا إلى أهل مدين ولم يكونوا فصيلة شعيب ولا قبيلته التي كان منها ، ولكنهم كانوا امة من الامم بعث إليهم شعيب ، وكان عليهم ملك جبار ، ولايطيقه أحد من ملوك عصره ، وكانوا ينقصون المكيال والميزان ، ويبخسون الناس أشياءهم مع كفرهم بالله ، وتكذيبهم لنبيه وعتوهم ، وكانوا يستوفون إذا اكتالوا لانفهسم أووزنوا له ، فكانوا في سعة من العيش ، فأمرهم الملك باحتكار الطعام ونقص مكائيلهم وموازينهم ، ووعظهم شعيب فأرسل إليه الملك : ما تقول فيما صنعت ؟ أراض أنت أم ساخط ؟ فقال شعيب : أوحى الله تعالى إلي أن الملك إذا صنع مثل ماصنعت يقال له : ملك فاجر ،
فكذبه الملك وأخرجه وقومه من مدينته ، قال الله تعالى حكاية عنهم : " لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا " فزادهم شعيب في الوعظ ، فقالوا : " يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " فآذوه بالنفي من بلادهم ، فسلط الله عليهم الحر والغيم حتى أنضجهم الله ، فلبثوا فيه تسعة أيام ، وصار ماؤهم حميعا لا يستطيعون شربه ، فانطلقوا إلى غيضة لهم وهو قوله تعالى : " وأصحاب الايكة " فرفع الله لهم سحابة سوداء فاجتمعوا في ظلها ، فأرسل الله عليهم نارا منها فأحرقتهم فلم ينج منهم أحدا ، وذلك قوله تعالى : " فأخذهم عذاب يوم الظلة " وإن رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ذكر عنده شعيب قال : " ذلك خطيب الانبياء يوم القيامة " فلما أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب والذين آمنوا معه بمكة ، فلم يزالوا بها حتى ماتوا .
والرواية الصحيحة أن شعيبا عليه السلام صار منها إلى مدين فأقام بها وبها لقيه موسى ابن عمران صلوات الله عليهما . (1)
---------------
(1) البحار ج12 ص384