إعداد وإخراج
موقع مؤسسة الإمام الكاظم عليه السلام ـ المكتبة العامة ـ مكتبة العقائد الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
الإهـداء..
إلى مَنْ زرع ولم يحصد ثمار زرعه..
إلى مَنْ سهر على راحتنا ولم يجد من يسهر على راحته..
إلى مَن استسلم للمنيّة وعيناه على الدرب..
إلى والدي مع الدعاء له بالرحمة والمغفرة والرضوان..
وإلى التي شَرِبَتْ حبّ الوصيّ وغذّتنيه باللبنِ..
إلى أُمّي العـزيزة..
أُهدي هذا الجهد المتواضـع.
ابنكم علي
-----
الصفحة 4
-----
-----
الصفحة 5
-----
مقـدّمة التحقيـق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمـد لله الذي أضاء الأرض والسماء بنور النبـوّة المحمّـدية، وزيّنهما بنجوم أهل بيته الأطهار، حجج الله الأبرار، الأئمّـة المعصومين الأخيار، من وُلد فاطمـة وعليّ الكـرّار (عليهم السلام).
والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمّـد بن عبـد الله الصـادق الأميـن (صلى الله عليه وآله وسلم)، وعلى آلـه الطـيّـبين الطـاهرين، ولا سـيّما بقـيّة الله في الأرضين، الحجّة بن الحسـن العسكري، المهديّ المنتظر (عليه السلام).
أمّـا بعـد..
ممّا لا شكّ فيه أنّ حديث الـثِّـقْـلَين " إنّي قد تركت فيكم ما إنْ تمسّـكتم به لن تضلّوا بعدي ; الـثِّـقْـلَين، وأحدهما أكبر من الآخر ; كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي
-----
الصفحة 6
-----
أهلُ بيتي، ألا وإنّـهما لن يفترقا حتّى يَـرِدا علَيَّ الحوض "(1)
____________
1- مسند أحمد 3 / 14 و 17 و 26 و 59 و ج 4 / 367 و 371، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ 1 / 211 ح 170 و ج 2 / 708 ح 968 و ص 723 ح 990 و ص 747 ح 1032 و ص 978 ح 1382 و 1383 و ص 988 ح 1403.
وانظر: الجمع بين الصحيحين ـ للحميدي ـ 1 / 515 ح 841، سنن الترمذي 5 / 621 ـ 622 ح 3786 و 3788، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ 5 / 45 ح 8148 و ص 130 ح 8464، سنن الدارمي 2 / 292 ح 3311، مسند البزّار 3 / 89 ح 864، مسند أبي يعلى 2 / 297 ح 1021 و ص 303 ح 1027 و ص 376 ح 1140، المعجم الكبير 3 / 65 ـ 67 ح 2678 ـ 2683 و ج 5 / 166 ـ 167 ح 4969 ـ 4971 و ص 169 ـ 170 ح 4980 ـ 4982، المعجم الأوسط 4 / 81 ح 3439 و ص 155 ح 3542، المعجم الصغير 1 / 131 و 135، مصنّف ابن أبي شيبة 7 / 418 ح 41، مسند عبـد بن حميد: 114 ح 265، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ 2 / 150، المنمّـق: 25، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 337 ح 753 و ص 629 ـ 631 ح 1548 ـ 1558، صحيح ابن خزيمة 4 / 62 ـ 63 ح 2357، أنساب الأشراف 2 / 357، الجعديات 2 / 302 ح 2722، نوادر الأُصول 1 / 163، الذرّيّة الطاهرة: 168 ح 228، جواهر العقدين: 238، المسـتدرك على الصحيحين 3 / 118 ح 4576 و 4577 و ص 160 ـ 161 ح 4711، حـلـيـة الأولـيـاء 1 / 355 رقـم 57، السـنـن الـكـبـرى ـ للبيـهقي ـ 2 / 148 و ج 7 / 30 و ج 10 / 114، الاعتقـاد على مذهب السلف ـ للبيهقي ـ: 185، تاريخ بغداد 8 / 442 رقم 4551 واقتصر فيه على ذِكر الـثِّـقْـل الأوّل وأسـقط الـثِّـقْـل الثـاني فلـم يذكـره!!، منـاقـب الإمـام عليّ (عليه السلام)ـ لابن المغازلي ـ: 214 ـ 215 ح 281 ـ 284، فردوس الأخبار 1 / 53 ـ 54 ح 197، مصابيح السُـنّة 4 / 185 ح 4800 و ص 189 ح 4815، الشفا بتعريف حـقوق المصطـفى 2 / 47، تاريخ دمشق 42 / 219 ـ 220، كنز العمّـال 1 / 185 ـ 187 ح 943 ـ 953 و ج 13 / 104 ح 36340 و 36341.
والحديث أخرجه أبو داود في سـننه 4 / 295 ح 4973، إلاّ أنّ يد الخيانة والتحريف حذفته ولم تذكر من الحديث إلاّ قوله: " أمّا بعـد "! والحديث موجود في طبعة مطبعة السعادة بالقاهرة سـنة 1369 هـ برقم 4973، كما أشار إليه محقّق كـتاب " المنتخب من مسـند عبـد بن حميـد "، في الصفحة 114 هامش الحديث 265 ; فلاحـظ!
-----
الصفحة 7
-----
المرويّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ والوارد من طرق الفريقيـن ـ بالتواتر ممّـا لا يقبل التشكيك فيه ولو بنسـبة الواحد من المليون، يحتوي على معان عظيمة وكبيرة.
وفي هذه المقدّمة البسيطة نحاول أن نسلّط الضوء على إحدى هذه المعاني العظيمة والتي هي مورد البحث والتمحيص في هذه الرسالة والدالّة على وجود الإمام المهديّ (عليه السلام) وبقائه طول هذه المـدّة.
فلو رجعنا إلى قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إنّي تارك فيكم الـثِّـقْـلَين " أي: إنّي مخلّف لكم وتارك لكم شـيئين عظيمين، وفي بعض الروايات: " تارك فيكم خليفتين "(1)، والخطاب هنا إلى الأُمّة جمعاء، من يومهم ذاك إلى قيام الساعة " ما إنْ تمسّـكتم بهما " أي: تمسّكتم بهذين الشـيئين العظيمين وجعلتموهما نصب أعينكم " لن تضلّوا بعدي أبداً " أي: سوف لن تتيهوا في الأرض، ولن يحيد أحدكم عن الطريق الصحيح المؤدّي إلى الله عزّ وجلّ، وهنا كلمة " أبداً " يراد بها اسـتمرارية الشيء وديمومته إلى قيام يوم الساعة.
ثمّ إنّ تأبيد عدم الضلال موقوف على تأبيد ما يتمسّك به، فلو
____________
1- ينـابيـع المـودّة 1 / 105 ح 25 عـن تفسـير الثعـلبـي، مسـند أحمـد 5 / 182 و 189.
-----
الصفحة 8
-----
أتينا إلى الـثِّـقْـل الأوّل، ألا وهو كتاب الله، لوجدنا أنّه هو الكتاب المنزل المحفوظ منذ نزوله إلى يومنا هذا، وسـيبقى كذلك إلى يوم يبعثون، من دون أيّ تغيير أو تحريف، بدليل الآيات والروايات الكثيرة التي وردت بشأن حفظ القرآن، نذكر منها:
قوله تعالى: { وإنّه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }(1).
وقوله تعالى: { إنّـا نحن نـزّلنا الـذِّكر وإنّـا له لحافظون }(2).
وقوله تعالى: { إنّ علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتّبع قرآنـه * ثمّ إنّ علينا بيانـه }(3).
وقوله تعالى: { ذلك الكـتاب لا ريب فيه هدىً للمتّـقين }(4).
ولا يخفى أنّه لو كان فيه أيّ تحريف أو تبديل أو زيادة أونقصان لسقطت عنه المصداقية، ولكان محلاًّ للشكّ والظنّ، ولَما أصبح هدىً للمتّـقين، بل كان طريقاً إلى ضلالتهم، معاذ الله.
ومنها:
قول الإمام الصادق جعفر بن محمّـد عليهما السلام، عندما سُئل: ما
____________
1- سورة فصّلت 41: 41 ـ 42.
2- سورة الحجر 15: 9.
3- سورة القيامة 75: 17 ـ 19.
4- سورة البقرة 2: 2.
-----
الصفحة 9
-----
تقول في القرآن؟
قال: " هو كلام الله، وقول الله، وكـتاب الله، ووحي الله وتنزيله، وهـو الكـتاب العزيـز الذي لا يأتيه الباطل مـن بين يديـه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميـد "(1).
وقول الإمام الرضا عليّ بن موسى (عليه السلام) أيضاً عندما سُـئل: ما تقـول في القرآن؟
فقال: " كلام الله لا تتجاوزوه، ولا تطلبوا الهدى في غيره فتضلّـوا "(2).
وقوله (عليه السلام) أيضاً: " إنّ محض الإسلام: شهادة أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له... وأنّ محمّـداً عبـده ورسوله، وأمينه، وصفيّه، وصفوته من خلقه، وسـيّد المرسلين، وخاتم النبيّين، وأفضل العالمين، لا نبيّ بعده، ولا تبديل لملّته، ولا تغيير لشريعته، وأنّ جميع ما جاء به محمّـد بن عبـد الله هو الحقّ المبين، والتصديق به وبجميع مَن مضى قبله مِن رسل الله وأنبـيائه وحجـجه، والتصديق بكـتابه الصـادق العزيز، الذي { لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد }، وأنّه المهيمن على الكـتب كلّها، وأنّه حقٌّ مِن فاتحته إلى خاتمته، نؤمن بمحكمه ومتشابهه، وخاصّه وعامّه، ووعده ووعيده، وناسخه
____________
1- التوحيد: 224 ح 3، الأمالي ـ للصدوق ـ: 638 ـ 639 ح 861.
2- التوحيد: 223 ـ 224 ح 2، الأمالي ـ للصدوق ـ: 639 ح 863.
-----
الصفحة 10
-----
ومنسوخه، وقصصه وأخباره، لا يقدر أحدٌ من المخلوقين أن يأتي بمثله "(1).
وفي الخطبة رقم 1 من الخطب الواردة في " نهج البلاغة "، قال الإمام أمير المؤمنين عليٌّ (عليه السلام): " كـتاب ربّـكم فيكم، مبيّناً حلاله وحرامه، وفرائضه وفضائله، وناسخه ومنسوخه، ورخصه وعزائمه، وخاصّه وعامّه، وعبره وأمثاله، ومرسَله ومحدوده، ومحكمه ومتشابهه، مفسّراً مجمله، ومبيّناً غوامضه، بين مأخوذ ميثاق في علمه، وموسّع على العباد في جهله، وبين مثبت في الكـتاب فرضه، ومعلوم في السُـنّة نسخه، ومرخّص في الكـتاب تركه، وبين واجب بوقته، وزائل في مسـتقبله، ومباين بين محارمه، من كبير أوعد عليه نيرانه، أو صغير أرصد له غفرانه، وبين مقبوله في أدناه، موسّع في أقصاه "(2).
بدلالة هذه الآيات والروايات تكون نفوسنا قد اطمأنّت إلى أنّ الـثِّـقْـلَ الأوّل هو هذا الكـتاب الذي بين أيدينا، من دون أيّ تحريف أو نقص أو زيادة، والتمسّك به حقّـاً يهدينا إلى الصراط المسـتقيم، صراط الـثِّـقْـل الثاني، الّـذين أنعم الله عليهم.
والـثِّـقْـل الآخر، المتمثّل بعترة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته (عليهم السلام)، الّذين قَرَنَهم النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بكـتاب الله عزّ وجلّ، فيجب أن تكون لهم
____________
1- عيون أخبار الرضا (عليه السلام) 2 / 129.
2- نهج البلاغة: 44 الخطبة رقم 1.
-----
الصفحة 11
-----
اسـتمرارية الوجود، حتّى يكونوا مصداق كلامه (صلى الله عليه وآله وسلم)، وليتسـنّى للأُمّة التمسّك بهم، كما هو الحال في الـثِّـقْـل الأوّل، ولو لم يكن لهذا الـثِّـقْـل وجود مسـتمرّ إلى يومنا هذا وحتّى قيام الساعة، لانتفى معنى كلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بشهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، الذي هو أحد العترة الطاهرة، وبشهادة الإمام العسكري (عليه السلام) يسقط الـثِّـقْـل الآخر، وبسقوط أحد الـثِّـقْـلَين لا يبقى أيّ معنىً للحديث، من حيث اقتران الـثِّـقْـلَين أحدهما بالآخر، ومن حيث ديمومتهما إلى قيام يـوم السـاعة، وهـذا مناف أيضـاً لقولـه تعـالى: { وما ينطق عـن الهـوى * إنْ هـو إلاّ وحـيٌ يوحـى }(1)أي: أنّ كـلام النبـيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو ككلام الله، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفـه.
علاوة على أنّ هناك روايات كـثيرة تدلّ على وجود الحجّـة، وعلى عـدم خلـوّ الأرض مـن إمـام، وأنّ مـن مـات بلا إمام مات ميتـةً جاهليّة، ونحو ذلك، فتكون أصلا للدين ألبتّـة.
منهـا: روايـة مسـلم، عـن ابـن عمر، قـال: سـمعت رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " مَن خلع يداً مِن طاعة لقيَ الله يوم القيامـة لا حجّـة له، ومَن مات وليـس في عنقه بيعة مـات ميتـةً جاهليّـة "(2).
____________
1- سورة النجم 53: 3 و 4.
2- صحيح مسلم 6 / 22، وانظر: التاريخ الكبير ـ للبخاري ـ 5 / 205، مسند أبي عوانة 4 / 416 ح 7153 7157، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 8 / 156، مصابيح السُـنّة 3 / 9 ح 2765، مشكاة المصابيح 2 / 335 رقم 3674.
-----
الصفحة 12
-----
وعن مسلم أيضاً، والبخاري، عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: " مَن كره مِن أميره شـيئاً فليصبر عليه، فإنّه مَن خرج مِن السلطان شـبراً مات ميتةً جاهليّـة "(1).
ورواية أحمد، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " مَن مات بغير إمام مات ميتةً جاهليّـة "(2).
.. إلى نحو ذلك ممّـا لا يحصى.
ومنها: الروايات التي وردت من طرقنا الخاصّة بعدم خلوّ الأرض من حجّـة إلى قيام يوم الساعة..
كرواية الشـيخ النعماني ـ صاحب كتاب " الغَيبة " ـ، عن المفضّل بن عمر، قال: " قال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام)قال على منبر الكوفـة: إنّ من ورائكم فتناً مظلمـة، عمياء منكسفة، لا ينجو منها إلاّ النومـة.
____________
1- صحيح مسلم 6 / 21، صحيح البخاري 9 / 84 ح 5 و 6 و ص 113 ح 7، وانظر: سـنن الدارمي 2 / 166 167 ح 2515، مسـند أحمـد 1 / 275 و 297 و 310، المعجم الكبير 12 / 124 ح 12759، السنن الكبرى ـ للبيهقي ـ 8 / 157، شرح السُـنّة 6 / 38 ح 2458.
2- مسـند أحمد 4 / 96.
وانظر: مسند أبي يعلى 13 / 366 ح 7375، المعجم الكبير 19 / 388 ح 910، المعجم الأوسط 6 / 128 ح 5820، مسند الشاميّين ـ للطبراني ـ 2 / 437 ـ 438 ح 1654، مسند الطيالسي: 259 ح 1913، السُـنّة ـ لابن أبي عاصم ـ: 489 ح 1057، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان 7 / 49 ح 4554، حلية الأولياء 3 / 224 وقال: " هذا حديث صحيح ثابت ".
-----
الصفحة 13
-----
قيل: يا أمير المؤمنين! وما النومة؟
قال: الذي يعـرف الناس ولا يعرفونـه ; واعلمـوا أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله عزّ وجلّ، ولكنّ الله سـيعمي خلقه عنها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم، ولو خلت الأرض ساعة واحدة من حجّـة لله لسـاخت بأهلها، ولكنّ الحجّـة يعرف الناس ولا يعرفونه، كما كان يوسف يعرف الناس وهم له منكرون، ثمّ تلا: { يَا حَسْرَةً على العِبادِ ما يَأتيهم من رَسول إلاّ كانوا به يسـتهزئون }(1) "(2).
ورواية الخزّاز القمّي الرازي ـ صاحب " كفاية الأثر " ـ، عن محمّـد بن عثمـان الـعَـمْـري، عن أبيـه، يقول: " سُـئل أبو محمّـد الحسـن بن عليّ (عليه السلام) ـ وأنا عنده ـ عن الخبر الذي رويَ عن آبائه، أنّ الأرض لا تخلو من حجّة لله على خلقه إلى يوم القيامة، وأنّ مَن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية.
فقال (عليه السلام): إنّ هذا حقٌّ كما إنّ النهار حـقّ.
فقيل له: يا بن رسول الله! فمَن الحجّـة والإمام بعدك؟
قـال: ابني محمّـد هـو الإمـام والحجّـة بعـدي، مَـن مـات ولم يعـرفه مات ميتـةً جاهليـة، أمَا إنّ له غَيبة يحار فيها الجاهلون، ويهلك فيها المبطلون، ويكـذِّب فيها الوقّـاتون،
____________
1- سورة يس 36: 30.
2- الغَـيبة ـ للنعماني ـ: 143 باب 10 ح 2.
-----
الصفحة 14
-----
ثمّ يخرج، فكأنّي أنظر إلى الأعلام البيض تخفق فوق رأسه بنجف الكوفـة "(1).
وروى الشيخ الصدوق في " كمال الدين وتمام النعمة "، عن صـفوان بن يحيـى، عـن أبي الحسـن الأوّل ـ يعنـي: موسـى بن جعفر (عليه السلام) ـ، قال: " ما ترك الله عزّ وجلّ الأرض بغير إمام قـطّ منذ قبض آدم (عليه السلام) يهتدي به إلى الله عزّ وجلّ، وهو الحجّة على العباد، مَن تركه ضلّ، ومَن لزمه نجا، حقّاً على الله عزّ وجلّ "(2).
.. إلى نحو ذلك ممّا لا يحصى.
وبما أنّـنا على يقين بأنّ الدين الإسلامي هو خاتمة الأديان السماوية ولا ننتظر ديناً آخر غيره لإصلاح البشر، وبعدما انتشر الفساد في العالم بشكل كبير حتّى لم يبقَ للعدل والصلاح أيّ مكان في هذا العالم الرحـب الكبير، وأنّ الدول الإسلامية باتت لا تلتزم بأحكام الشريعة الإسلامية ولو بالجزء اليسـير منه، كان لزاماً علينا أن ننتظر الفرج بعودة الدين الإسلامي إلى ما كانه عليه زمن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم)، من قوّة ومتانة، بحيث يتمكّن من إصلاح ما فسد وإخراج البشرية من غطرسة الظلم والفساد إلى دوحـة العدل والإصلاح.
____________
1- كفاية الأثر: 296 باب ما جاء عن أبي محمّـد الحسن بن عليّ (عليه السلام)، ونحوه في: كمال الدين وتمام النعمة 2 / 409 باب 38 ح 9.
2- كمال الدين وتمام النعمة 1 / 221 ح 2.
-----
الصفحة 15
-----
وبما أنّ الدين الإسلامي لا يمكن له أن يعود كما كان بقوّته وسـيطرته وبسط نفوذه إلاّ إذا كان على رأسه مصلح عظيم يلمّ شـتات الأُمّة ويجمع كلمتهم، ويردّ عن الدين كلّ أباطيل المبطلين، ويمحو كلّ البدع والضلالات التي أُلحقت به، وذلك بالألطاف الإلهية والعناية الربّانية التي تسـدّده وتجعل منه منقذاً لهذه الأُمّة وهادياً لها إلى الصراط المسـتقيم، له الرئاسة المطلقة والمنزلة العظمى والقدرة الجبّارة لينشر العدل في الأرض بعـدما عمّ الظلم والفساد أرجاءها.
إذاً، فالبشارة بظهور المهديّ من وُلد فاطمة (عليها السلام)، وآخر ركن من أركان الـثِّـقْـل الثاني في آخر الزمان، ليمـلأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما ملئت ظلماً وجوراً، ثابتةٌ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد سجّلتها أقلام العلماء والحفّاظ والمفسّرين على اختلاف مشاربهم، وعلى مرّ العصور، في ما رووه من الحديث عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هؤلاء: الحافظ أبو نُعيم الأصبهاني، صاحب المؤلّفات الكـثيرة والتصانيف الشهيرة، الذي جمع أربعين حديثاً حول الإمام المهديّ (عليه السلام)، وأنّه لا تنقضي الدنيا حتّى يبعث الله رجلا من أهل بيت النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، يملأ الأرض قسطاً وعدلا كما ملئت ظلماً وجوراً، وأنّه من وُلد فاطمة (عليها السلام)، وأنّـه كـذا وكـذا وكـذا... إلى آخره من الروايات التي تصـف أحواله (عليه السلام).
* * *
-----
الصفحة 16
-----
عنوان الرسالة:
اختلف العلماء وأصحاب السـير في عنوان الرسالة التي اشـتملت على الأربعين حديثاً عن الإمام المهديّ (عليه السلام).
يقول صاحب " الطرائف " السـيّد ابن طاووس: " جمع الحافظ أبو نُعيم كـتاباً في ذلك نحو سـتّ وعشرين ورقة من أربعين حديثاً، وسمّاه: كـتاب ذِكر المهديّ ونعوته وحقيقة مخرجه "(1).
ويضيف: " وقد وقفت على كـتاب قد ألّفه ورواه وحرّره أبو نُعيم الحافظ، واسمه أحمد بن أبي عبـد الله بن أحمد، وهذا المؤلّف من أعيان رجال الأربعة المذاهب، وله تصانيف وروايات كـثيرة، وقد سمّى أبو نُعيم الكـتاب المشار إليه: كـتاب ذِكر المهديّ ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، ثمّ ذكرفي صدر الكـتاب تسـعة وأربعين حديثاً أسـندها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يتضمّن البشارة بالمهديّ (عليه السلام)، وأنّه مِن وُلد فاطمة (عليها السلام)، وأنّه يملأ الأرض عدلا، وأنّه لا بُـدّ من ظهوره، ثمّ ذكر بعدذلك حديثاً، معنىً بعد معنىً، وروى في كلّ معنىً أحاديث بأسانيدها إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقال أبو نُعيم بعد رواية التسعة والأربعين حديثاً مشاراً إليه في حقيقة ذِكر المهديّ ونعوته وخروجه وثبوته ما هذا لفظه: وبخروجه يرفع الناس تظاهر الفتن وتلاطم المحن، ويمحق الهرج،
____________
1- الطرائف: 179.
-----
الصفحة 17
-----
وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنين وأربعين حديثاً بأسانيدها.
ثمّ قال أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: أعلام النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّ المهديّ سـيّد من سادات أهل الجنّة ; وروى عن النبيّ في صحّة هذا المعنى ثلاثة أحاديث.
ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكْر جيشه وصورته وطول مدّته وأيّامه ; وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)أحد عشر حديثـاً.
ثمّ ذكر ما هذا لفظه: بالعدل وَفِـيّ، وبالمال سَـخيّ، يحثـوه حثواً ولا يعدّه عداً ; وروى في صحّـة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)ـ بإسناده ـ تسعة أحاديث.
ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذكر البـيان عن الروايات الدالّـة على خـروج المهـديّ وظهوره، ثـمّ روى عـن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في صحّة هذا المعنى أربعـة أحاديث.
ثمّ ذكر ما هذا لفظه: ذِكر البيان في أنّ توطئة أمر المهديّ وخلافته وجيشه من قبل المشرق ; فروى في هذا المعنى وصحّته عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حـديثين.
ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر بيان القرية التي يكون منها خروج المهديّ ; وروى في صحّة ذلك حديثين يرفعهما إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
-----
الصفحة 18
-----
ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر بيان أنّ مِن تكرمة الله لهذه الأُمّة أنّ عيسى بن مريم يصلّي خلف المهديّ ; ثمّ روى في صحّة هذا المعنى ثمانية أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر ما ينزل الله عزّ وجلّ من الخسف والنكال على الجيـش الّذين يرمون الحرم تكرمة للمهديّ ; ثـمّ روى في صحّـة هذا المعنى خمسـة أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسـانيدها.
ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ما هذا لفظه: ذِكر المهديّ أنّه من وُلد الحسـين، وذِكر كـنيته وموته حين يبعث ; وروى أبو نُعيم في صحّة هذا المعنى تسعة أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بأسانيدها.
ثمّ ذكر أبو نُعيم ـ أيضاً ـ ما هذا لفظه: ذِكر فتح المهديّ المدينة الرومية وردّ ما سـبى ملكها من بني إسرائيل إلى بيت المقدس ; وروى في صحّـة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) خمسة أحاديث بأسانيدها.
ثمّ ذكر أبو نُعيم الحافظ ما هذا لفظه: ما يكون في زمان المهديّ من الخصب والأمن والعدل ; وروى في صحّة هذا المعنى عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بإسـناده سـبعة أحاديث.
فجملة الأحاديث المذكورة في كـتاب ذِكر المهديّ (عليه السلام)ونعوته وحقيقة مخرجه وثبوته، المختصّة بهذا المعنى ـ المقدّم ذِكرها ـ مئة وسـتّة وخمسون حديثاً، وأمّا طرق هذه الأحاديث
-----
الصفحة 19
-----
فهي كـثيرة تركت ذِكرها في الكـتاب كراهية الإكـثار والإطناب "(1).
ويقول صاحب " كشف الغمّة ": " ووقع إليَّ أربعون حديثاً جمعها الحافظ أبو نُعيم أحمد بن عبد الله (رحمه الله) في أمر المهديّ (عليه السلام)، أوردتُـها سرداً كما أوردها "(2).
ويقول الكنجي الشافعي في " البيان في أخبار صاحب الزمان " بعد ذِكر حديث مطوّل عن عليّ الهلالي، عن أبيه: " هكذا ذكره صاحب حلية الأولياء في كـتابه المترجم بـ: ذِكر نعت المهديّ عليه السلام "(3).
وأورد المقدسي الشافعي في " عقد الدرر " معظم هذه الأحاديث قائلا بعد إيرادها: " أخرجه الحافظ أبو نُعيم في صفة المهديّ ".
ويقول محقّق كـتاب " عقد الدرر " في المقدّمة: " وقد عمد المؤلّف إلى كـتاب (الفتن) لأبي عبـد الله نُعيم بن حمّاد المروزي، وإلى كـتاب (السـنن) لأبي عمرو الداني المُقري، وإلى كـتاب (الملاحم) لأبي الحسين ابن المُنادي، وإلى كـتب أبي نُعيم أحمد ابن عبـد الله الأصفهاني (430 هـ) في: (منـاقب المهديّ) و (حلية الأولـيـاء) و (صفة المهديّ) و (فوائـد أبي نُعيم) و (عواليه)، وإلى كـتاب أبي بكر أحمد بن الحسـين البيهقي (458 هـ) (البعث
____________
1- الطرائف: 181 183.
2- كشف الغمّـة 2 / 467.
3- البيان في أخبار صاحب الزمان: 479.
-----
الصفحة 20
-----
والنشور)، فنقل كـثيراً ممّا فيها إلى هذا الكـتاب "(1).
ويقول صاحب كـتاب " العرف الوردي ": " هذا جزء جمعت فيه الأحاديث والآثار الواردة في المهديّ، لخّصت فيه الأربعين التي جمعها أبو نُعيم، وزدت عليه ما فاته "(2).
يقول العـلاّمة السـيّد عبـد العزيز الطباطبائي (قدس سره) في " أهل البيـت (عليهم السلام) فـي المكتبـة العربيـة ": " الأربعـون حديثـاً فـي المهـديّ (عليه السلام)، للحافظ أبي نُعيم أحمد بن عبـد الله الأصبهاني، المتوفّى سـنة 430 هـ، وهـو أربعـون حديثـاً ممّــا روي عـن رسـول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المهديّ المنتظر.
نسخة منه ضمن مجموعة في مكتبة العلاّمة السـيّد محمّـد صادق آل بحر العلوم في النجف الأشرف، بخطّـه.
ونسخة أُخرى منه بخطّ فخر الدين، فرغ منها في 19 رجب سـنة 838، محذوفة الأسانيد، في مكتبة فخر الدين النصيري في طهران، أدرجها بكاملها في المجلّد الخامس من كتـابه: گنجينه خطوط عُلَما.
نقل عنه الأربلّي في كشف الغمّة 1 / 154، ثمّ أورده بتمامه في 2 / 467 من طبعة إيران، محذوفة الإسـناد، وفي طبعة أُخرى 3 / 257.
____________
1- عقد الدرر: 11.
2- العرف الوردي: 25.
-----
الصفحة 21
-----
وفي بحار الأنوار 51 / 78 ـ 85، وفي أعيان الشـيعة 2 / 50، وفي گنجينه خطوط عُلَما / المجلّد الخامس.
وهو مطبوع ضمن كـتاب: غاية المرام ; للسـيّد هاشم البحراني: 699ـ 701، حيث أدرجه فيه في الباب 141، في إمامة الإمام الثاني عشـر من طرق العامّـة، محذوف الأسانيد مقتصراً على المتـون.
وطبع أيضاً في نامه دانشواران 2 / 711 بحذف أسانيده من الطبعة الأُولى في ترجمة أبي نُعيم الأصبهاني، وفي الطبعة الثانية الحروفيـة في 7 / 8 ـ 21، عن مخطوطة كانت في مكـتبة ملك زاده وزير العلوم، ويظهر أنّها كانت مسـندة فحذفوا أسانيده مخافة التطويل "(1).
ونقل الشـيخ البلاغي (قدس سره) في " نصائح الهدى والدين إلى من كان مسلماً وصار بابيّاً " روايتين، إحداهما عن الإمام الصادق (عليه السلام)يقول فيها: " الخلف الصالح من وُلدي، وهو المهديّ، اسمه محمّـد، وكنيته أبو القاسم، يخرج في آخر الزمان، يقال لأُمّه: نرجس "(2).
والأُخرى عن الإمام الرضا (عليه السلام) يقول فيها: " الخلف الصالح من وُلد الحسن بن عليّ العسكري، هو صاحب الزمان، وهو
____________
1- أهل البيت (عليهم السلام) في المكـتبة العربية: 31 رقم 44.
2- نصائح الهدى والدين إلى من كان مسلماً وصار بابياً: 94 ح 57.
-----
الصفحة 22
-----
المهديّ "(1).
ونسـبهما إلى الحافظ أبي نُعيم في (أربعينه)، إلاّ أنّ الروايتين وبهذا النصّ لم تردا في متن رسالتنا هذه.
فلعلّ الشـيخ (قدس سره) وقع نظره عليهما في نسخة أُخرى من نسخ الأربعين، أو أربعين آخر لغير أبي نُعيم، فتكون نسـبته للروايتين إلى (أربعين) أبي نُعيم من سهو قلمه الشريف ; والله العالم.
ويظهر من هذا كلّه أنّ لأبي نُعيم الأصبهاني رسالة مختصرة تتضمّن أربعين حديثاً منتقاة في الإمام المهديّ (عليه السلام)، يذكر فيه علامات ظهوره المبارك، وصفاته الكريمة، ونسـبه الشريف، وأنّه يملأ الأرض قسطاً وعدلا بعدما تملأ ظلماً وجوراً، وأنّ الأُمّة تتنعّم في زمانه نعيماً لم تتنعّم مثلـه قـطّ، البرّ والفاجر.
* * *
____________
1- نصائح الهدى والدين إلى من كان مسلماً وصار بابياً: 107 ح 77.
-----
الصفحة 23
-----
ترجمـة المؤلّـف(1)
اسمه ونسـبه:
هو: أبو نُعيم أحمد بن عبـد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى ابن مهران، الإمام الحافظ، الثقة العلاّمة، شيخ الإسلام، المهراني الأصبهاني، سـبط الزاهد محمّـد بن يوسف البنّاء، صاحب كـتاب " حلية الأولياء "، كان من أعلام المحدّثين، وأكابر الحفّـاظ والثقات.
ولد في أصفهان في شهر رجب سـنة 336 هـ في بيت علم وأدب، فقد كان والده من المحدّثين وعلماً من أعلام البلد.
وكديدن كبار العلماء قام أبو نُعيم برحلات عديدة طلباً للعلم والمعرفة، امتدّت على طول البلاد وعرضها آنذاك، حتّى وصل إلى الأندلس مروراً ببغداد ومكّة والبصرة والكوفة ونيسابور، ولقي في كلّ بلد الأئمّـة الّذين كانوا فيها وسمع منهم.
ألـمّ أبو نُعيم بكـثير من فنون العلم، فمن ذلك أنّه كان محدّثاً ومؤرّخاً ومفسّـراً وفقيهاً وقارئـاً، وله مصنّـفات عديدة في كلِّ فنّ
____________
1- اعتمدت في هذه الترجمة على المصادر التالية:
وفيات الأعيان 1 / 91 رقم 33، تذكرة الحفّاظ 3 / 1092 رقم 993، سـير أعلام النبلاء 17 / 453 رقم 305، طبقات الشافعية الكبرى 4 / 18 رقم 254، تنقيح المقال 6 / 249 رقم 1096.
-----
الصفحة 24
-----
مـن هـذه الفنـون.
شـيوخـه:
لأبي نُعيم شـيوخ كـثيرون، نقتصر على ذِكر بعضهم:
1 ـ أبو محمّـد عبـد الله بن محمّـد بن جعفر، المعروف بأبي الشيخ الأنصاري.
2 ـ أبو أحمد الحاكم محمّـد بن محمّـد النيسابوري، صاحب التصانيف الكـثيرة.
3 ـ أبو القاسم الطبراني، صاحب التصانيف.
4 ـ القاضي أبو أحمد محمّـد بن أحمد بن العسّال.
5 ـ أبو بكر بن الهيثم الأنباري.
بعض تلامذته:
1 ـ الخطيب البغدادي، صاحب " تاريخ بغـداد ".
2 ـ هبـة الله بن محمّـد الشـيرازي.
3 ـ أبو بكر بن علي الذكواني.
4 ـ القاضي أبو علي الوخش.
5 ـ أبو صالح المؤذّن.
-----
الصفحة 25
-----
بعض مؤلّـفاته:
1 ـ حلية الأولياء.
2 ـ معرفة الصحابة.
3 ـ دلائل النبـوّة.
4 ـ المسـتخرج على البخاري.
5 ـ تاريخ أصفهان.
6 ـ المسـتخرج على مسلم.
7 ـ الأربعون حديثاً منتقاة في شأن المهديّ (عليه السلام)، وهي الرسالة التي بين أيدينا.
8 ـ معجم الصحابة.
9 ـ عمل اليوم والليلة.
10 ـ صفة الجنّـة.
أقوال بعض العلماء فيه:
قال الخطيب البغدادي: لم أرَ أحداً أُطلق عليه اسم الحافظ غير رجلين، هما: أبو نُعيم الأصبهاني وأبو حازم العبدي الأعـرج.
وقال ابن خلّـكان: الحافظ المشهور صاحب كـتاب " حلية الأوليـاء "، كان من أعلام المحدّثين وأكابر الحفّاظ الثقات، أخذ من
-----
الصفحة 26
-----
الأفاضل وأخـذوا عنه وانتفعوا به.
وقال الذهبي: الحافظ الكبير، محدّث العصر، الصوفي الأوّل.
وقال السـبكي: الإمام الجليل الحافظ، الصوفي الجامع بين الفقه والتصوّف، والنهاية في الحفظ والضبط... أحد الأعلام الّذين جمع الله لهم بين العلـوّ في الرواية والنهاية في الدراية.
وقال ابن مردويه: كان أبو نُعيم في وقته مرحولا إليه، ولم يكن في أُفق من الآفاق أسـند ولا أحفظ منه، كان حفّاظ الدنيا قد اجتمعوا عنده، فكان كلّ يوم نوبة واحد منهم يقرأ ما يريده إلى قريب الظهر، فإذا قام إلى داره ربّما كان يقرأ عليه في الطريق جزء، وكان لا يضجر، ولم يكن له غذاء سوى التصنيف أو التسميع.
وقال حمزة بن العبّـاس العلوي: كان أصحاب الحديث يقولون: بقي أبو نُعيم أربع عشـرة سـنة بلا نظير، لا يوجد شـرقاً ولا غرباً أعلى إسـناداً منه ولا أحفظ.
وفـاته:
اختلف العلماء والمؤرّخون في يوم وشهر وفاة أبي نُعيم، إلاّ أنّهم اتّفقوا على سـنة وفاتـه، فمنهم من قال بأنّه توفّي في العشرين من المحرّم سـنة أربعمئة وثلاثين، ومنهم من قال: بأنه توفّي في الثامن والعشرين من المحرّم سـنة أربعمئة وثلاثين، ومنهم من قال
-----
الصفحة 27
-----
بأنّه توفّي في الثامن والعشرين من صفر سـنة أربعمئة وثلاثين، ومنهم من قال بأنّه توفّي في الثاني عشر من المحرّم سـنة أربعمئة وثلاثين.
وبهذا أصبح من الواضح والثابت أنّ سـنة الوفاة غير مختلف فيها، وأنّ الفارق بين هذه التواريخ لا يتعدّى الشهر، وبهذا يكون أبو نُعيم قد عاش أربعة وتسـعين عاماً.
دُفن في بلدته أصفهان، في المقبرة المعروفة المشهورة بـ: آب بخشـگان، قبره في آخرها ممّـا يلي المشرق.
* * *
-----
الصفحة 28
-----
ترجمة صاحب " كشف الغمّـة "(1)
هو: الشيخ أبو الحسن بهاء الدين عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربلّي، كان عالماً، فاضلا، محدّثاً، ثقة، شاعراً، أديباً، جامعاً للفضائل والمحاسـن.
اشـتُـهِر في الإنشاء والأدب العربي الجديد أثر انقراض أثر الدولة العبّـاسـية ببغـداد.
كان والده أميراً حاكماً بأربل أيّام الصاحب تاج الدين محمّـد ابن الصلايا الحسـين.
كـتب لمتولّي أربل، ثمّ عمل ببغـداد في ديوان الإنشاء.
مصنّـفاته:
له مصنّـفات عديـدة منها:
1 ـ كشف الغمّـة في معرفة الأئمّـة، كـتاب جامع حسن، فرغ من تأليفه سـنة 678 هـ.
____________
1- اعتمدت في هذه الترجمة على المصادر التالية:
فوات الوفيات 2 / 57 ـ 60 رقم 347، كشف الظنون 2 / 1492 و 1939، هديّـة العارفين 5 / 714، الأعلام 4 / 318، معجم المؤلّفين 2 / 484 رقم 9805، معجم رجال الحديث 13 / 114 رقم 8360، وانظر: مقـدّمة " كشف الغمّـة ".
-----
الصفحة 29
-----
2 ـ المقامات الأربع.
3 ـ رسالة الطيف، توجد نسخة مخطوطة منها في مكتبة الفاتيكان.
4 ـ نزهة الأخيار في ابتداء الدنيا وقدر القويّ الجبّار.
5 ـ العشّاق وخلوة المشـتاق.
6 ـ حياة الإمامين زين العابدين ومحمّـد الباقر عليهما السلام.
7 ـ حدائق البيان في شرح التبيان ; في المعاني والبيان.
8 ـ ديوان شعر.
شـيوخه في الرواية:
1 ـ السـيّد رضي الدين عليّ بن طاووس.
2 ـ السـيّد جلال الدين عليّ بن فخار.
3 ـ تاج الدين أبو طالب عليّ بن أنجب، الشهير بابن الساعي البغـدادي.
4 ـ الحافظ أبو عبـد الله الكنجي الشافعي.
5 ـ كمال الدين أبو الحسـن عليّ بن وضّـاح.
الرواة عنـه:
1 ـ الحسن بن يوسف بن عليّ بن المطهّر، المعروف بالعلاّمة الحلّي.
-----
الصفحة 30
-----
2 ـ الشـيخ رضي الدين عليّ بن المطهّر.
3 ـ السـيّد شمس الدين محمّـد بن فضل العلوي الحسـني.
4 ـ الشـيخ تقي الدين بن إبراهيم بن محمّـد بن سالم.
شـعره:
له شعر كـثير في مدائح الأئمّـة (عليهم السلام)، ذكر جملة منها في كـتابه " كشف الغمّـة "، منها قوله في قصيـدة:
وإلى أمير المؤمنين بعثتُـها مثل السفاين عمن في تيّارِ
تحكي السهام إذا قطعن مفازةً وكأنّها في فقة الأوتارِ
تنحو بمقصدها أغرّ شأي الورى بزكاء أعراق وطيب نجارِ
حمّال أثقال ومسعف طالب وملاذ ملهوف وموئل جارِ
شرف أقـرّ به الحسود وسؤدد شاد العلاء ليعْـرب ونزارِ
* * *
-----
الصفحة 31
-----
وقوله من أُخـرى:
سل عن عليّ مقامات عرفن به شدّت عرى الدين في حلّ ومرتحلِ
مآثر صافحت شهب النجوم عُلا مشـيدة قد سمت قدراً على زحلِ
كم من يد لك فينا يا أبا حسن يفوق نائلها صوب الحيا الهطلِ
* * *
وقوله من قصيدة في مدح الإمام الحسـن (عليه السلام):
إلى الحسن بن فاطمة أُنيرت بحـقّ أينـق المدح الجيادِ
أقـرّ الحاسدون له بفضل عوارفه قلائد في الهوادِ
* * *
وقوله من قصيدة في رثاء الإمام الحسـين (عليه السلام):
إنّ في الرزء بالحسـين الشهيدِ لعناء يودي بصبر الجليدِ
إنّ رزء الحسـين نجـل عليّ هـدَّ ركناً ما كان بالمهدودِ
-----
الصفحة 32
-----
وقوله من قصيدة في مدح الإمام الرضـا (عليه السلام):
والثمِ الأرض إن مررت على مشهد خير الورى عليّ بن موسى
وأبلِغَنّه تـحيّةً وســلامــاً كشَذا المِسك من عليِّ بن عيسى
* * *
وقوله من قصيدة في مدح الإمام المهديّ (عليه السلام):
عداني عن التشبيب بالرشأ الأحوى وعن بانتي سلع وعن علمي حزوى
غرامي بناء عن عناني وفكرتي تمثّله للقلب في السرّ والنجوى
من النفر الغرّ الّذين تملّـكوا من الشرف العادي غايته القصوى
هم القوم من أصفاهم الودّ مخلِصاً تمسّك في أُخراه بالسـبب الأقوى
هم القوم فاقوا العالمين مآثراً محاسنها تجلى وآياتها تروى
* * *
-----
الصفحة 33
-----
ترجمة صاحب " العَرف الوردي "(1)
هو: الحافظ جلال الدين عبـد الرحمن بن أبي بكر بن محمّـد الشافعي الخضيري السـيوطي، صاحب المصنّفات الكـثيرة الشهيرة، عالم حافظ مشارك في أنواع العلوم.
وُلد في القاهـرة سـنة 849 هـ، ونشأ بها يتيماً بعد أن توفّي والده سـنة 855 هـ ـ الذي كان من فقهاء الشافعية ـ، وهو في السادسة من عمره، لكنّ الله منحه ذاكرة خصبة، وذكاءً وقّاداً، وقدرة على الحفظ والاسـتنباط اسـتطاع من خلال ذلك شقّ طريقه في ميدان الدرس، فبعد أن حفظ القرآن وهو في الثامنة من عمره قرأ على جماعة من العلماء بلغوا نحواً من خمسـين.
ولمّا بلغ أربعين سـنة اعتزل الناس وخلا بنفسه في روضة المقياس على النيل منزوياً عن أصحابه جميعاً، فألّف أكـثر كتبه، والتي قيل: إنّها بلغت نحو سـتّـمئة مصنّـف.
* * *
____________
1- اعتمدت في هذه الترجمة على المصادر التالية:
شذرات الذهب 8 / 51 ـ 55، الضوء اللامع 4 / 65 ـ 70 رقم 203، النور السافر: 51 ـ 54، الأعلام 3 / 301، معجم المؤلّفين 2 / 82 رقم 6792، وقد ترجم لنفسه ترجمة وافية في حسن المحاضرة 1 / 288 ـ 294 رقم 78.
-----
الصفحة 34
-----
شـيوخه:
لجلال الدين السيوطي العديد من المشايخ، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصـر:
1 ـ علم الدين صالح البلقيني.
2 ـ شهاب الدين أحمد بن عليّ الشارمساحي.
3 ـ شرف الدين المناوي.
4 ـ تقي الدين الشـبلي الحنفي.
5 ـ محيي الدين محمّـد بن سليم الكافيجي.
6 ـ سـيف الدين محمّـد بن محمّـد الحنفي.
7 ـ شمس الدين محمّـد بن موسى السـيرائي الحنفي.
8 ـ قاضي القضاة العزّ أحمد بن إبراهيم الكناني.
9 ـ بدر الدين محمّـد بن الحافظ ابن حجر.
10 ـ الحافظ تقي الدين ابن فهد.
تلاميـذه:
أخذ عنه العلم وتخـرّج عليه كـثيرون، نذكر منهم:
1 ـ عليّ بن محمّـد الشاذلي.
-----
الصفحة 35
-----
2 ـ شمس الدين محمّـد الداوودي.
3 ـ شمس الدين محمّـد الشامي.
4 ـ شمس الدين محمّـد بن علي، الشهير بابن طولون الدمشقي.
5 ـ محمّـد بن بدر الدين بن محمّـد رضي الدين الغزي.
6 ـ شمس الدين محمّـد بن محمّـد، الشهير بابن العجيمي المقدسي الشافعي.
مصنّـفاته في أهل البيت (عليهم السلام):
ألّف السـيوطي كـتباً ورسائل في أهل بيت النبيّ (عليهم السلام)ومناقبهم وفضائلهم، منها:
1 ـ كشف اللبـس عن حديث ردّ الشمس.
2 ـ إحياء الميت بفضائل أهل البيت (عليهم السلام).
3 ـ الثغور الباسمة في مناقب السـيّدة فاطمـة.
4 ـ العَرف الوردي في أخبار المهدي.
5 ـ شـدّ الأثواب في سـدّ الأبواب ; مطبوع ضمن كـتابه " الحاوي للفتاوي ".
6 ـ القول الجليّ في فضائل عليّ.
-----
الصفحة 36
-----
مصنّـفاته الأُخرى:
وله تصانيف كـثيرة ومؤلّفات عديدة في شـتّى أبواب العلم، من أشـهرها:
1 ـ الجامع الكبير.
2 ـ الجامع الصغير.
3 ـ تفسـيره المعروف بـ " الدرّ المنثور ".
4 ـ تنوير الحوالك.
5 ـ الأشـباه والنظائـر.
6 ـ بغية الوعـاة.
7 ـ تاريـخ الخلفـاء.
8 ـ تدريب الـراوي.
9 ـ اللآلئ المصنوعة.
10 ـ الحـاوي للفتـاوي.
11 ـ حسـن المحـاضـرة.
12 ـ الخصائص.
13 ـ طبقات الحفّـاظ.
14 ـ تفسـير القرآن.
-----
الصفحة 37
-----
15 ـ الإتقان في علوم القرآن.
16 ـ إتمام الدراية لقـرّاء النقاية.
وهذه كلّها مطبوعة..
إلى غيرها من مصنّـفاته الكـثيرة الحسـنة.
وفـاتـه:
توفّي السـيوطي في 19 جمادى الأُولى سـنة 911 هـ بمنزله بروضة المقيـاس، ودفن في حوش قوصون خارج باب القرانة.
* * *
-----
الصفحة 38
-----
النسخ المعتمدة:
اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على:
1 ـ صورة نسخة مخطوطة بخطّ فخر الدين، فرغ من كتابتها في 19 رجب سـنة 838 هـ، محذوفة الأسانيد، مدرجة بكاملها في المجلّد الخامس من كـتاب: گـنجينه خطوط عُلَما، من ص 1420 ـ 1432.
وجعلتها نسخة الأصل.
2 ـ كـتاب " كشف الغمّة "، لأبي الحسن عليّ بن عيسى بن أبي الفتح الأربلّي (ت 693 هـ)، تحقيق هاشم الرسـولي المحلاّتي، نشر مكتبة بني هاشم، قم 1381 هـ.
يقول فيه: " ووقع إليَّ أربعون حديثاً جمعها الحافظ أبو نُعيم أحمـد بن عبـد الله (رحمه الله) في أمر المهديّ (عليه السلام)، أوردتهـا سرداً كما أوردها، واقتصرت على ذِكر الراوي عن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) "(1).
ورمزت لها بالحرف " ك ".
3 ـ كـتاب " العَرف الوردي "، لجلال الدين السيوطي (ت 911 هـ)، تحقيق مصطفى صبحي الخضر، نشر دار الكوثر، دمشق 1422 هـ.
____________
1- كشف الغمّـة 2 / 467.
-----
الصفحة 39
-----
يقول في مقدّمته: " هذا جزء جمعت فيه الأحاديث والآثار الواردة في المهديّ، لخّصت فيه الأربعين التي جمعها أبو نُعيم، وزدت عليه ما فاتـه "(1).
ورمزت لها بالحرف " ع ".
4 ـ كـتاب " نامه دانشواران "، في ج 7 / 8 ـ 21 من الطبعة الثانية، فقد أورد الأربعين حديثاً في نهاية ترجمة أبي نُعيم الأصبهاني، نقلا عن مخطوطة كانت في مكتبة ملك زادة وزير العلوم، ويظهر أنّها كانت مسندة فحـذفوا أسانيدها روماً للاختصار.
ورمزت لها بالحرف " ن ".
منهجيّـة التحقيـق:
اقتصرتُ في تحقيق هذه الرسالة على:
1 ـ مقابلة جميع الأحاديث مع النسخ المعتمدة في تحقيق هذه الرسالة.
2 ـ جعلت الأحاديث الأربعين التي في النسخة المخطوطة بخطّ فخر الدين في المتن، واعتمدتها أصلا، وأشرت في الهامش إلى الاختلافات الواردة فيها مع بقية النسخ، وذكرت ـ كذلك ـ
____________
1- العَرف الوردي: 25.
-----
الصفحة 40
-----
الجزء والصفحة التي جاء فيها الحديث في النسخ الأُخرى المعتمدة في هذا العمل.
3 ـ ضبط النصّ، من حيث التقطيع والتصحيح.
4 ـ اسـتخراج جميع الأحاديث النبوية الشريفة، وإرجاعها إلى مصادرها الأصلية، وقد اقتصرت فيها على ذِكرِ بعضِ أهمّ المصادر المخرِّجـة لها من مصادر أهل السُـنّة، ورتّـبتها حسـب التسلسل الزمني لوفيات مؤلّفيها ; إذ لو أردنا التوسّع في ذِكر المصادر ـ ولا سـيّما المصادر الخاصّة بنا ـ لطال بنا المقام، والتفصيل مرهونٌ في مظانّه ممّا أُلّـفَ في أحوال ومختصّات الإمام المهديّ عجّل الله فرجه.
5 ـ شرح معاني الكلمات الغامضة والغريبة.
6 ـ ترجمة بعض الأعلام الواردة أسماؤهم في السـند والمتـن.
7 ـ العنـاوين الرئـيسـة للأحـاديث أثبتـناها من نسـختَي " ك " و " ن "، وتتميماً لهذا النسق أضفنا عنوانَي الحديثين الأوّل والثالث من عندنا لعدم وجودها في النسختين آنفـتَي الذِكر.
8 ـ وسعياً منّا لتوفير الجهد على القارئ الكريم بالبحث عن أحوال صاحب الرسالة، فقد كـتبنا له ترجمة مختصرة في المقدّمة جمعناها من مصادر مختلفة، وكـتبنا ـ كذلك ـ ترجمة مختصرة لكلّ من صاحب " كشف الغمّة " أبي الفتح الأربلّي، وصاحب