فضل ليلة القدروعظمتها
إن وزن ليلة القدرلا يُعلمه احد، فالقرآن عندما يصل إلى ذكرِ الآخرة يستعمل كلمة: {وَمَا أَدْرَاكَ}.. ففي سورة القارعة يقول: {الْقَارِعَةُ * مَا الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ}؛ أي أن عقولكم في الدنيا لا تحتمل إدراك حقيقة القارعة..وذلك بمثابة الجنين في بطن أمه، فهو لا يفقه نعيم الدنيا، ولا يفقه ما يجري عليه في الحياة الدنيا؛ لأنه في عالمٍ ضيق ومحدود، وطعامه من دم المشيمة، فأين هو ولذائذ هذه الدنيا؟..وكذلك نحن الفانون لا تحتمل عقولنا ما يقال عن يوم القيامة، وأحداث ما وراء الطبيعة، والعناصر المرتبطة بعالم الخلود.. فالقرآن الكريم عندما يصل إلى ليلة القدر، يستعمل التعبير نفسه: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ}!..
- إن ليلة القدر هي من منن الله -عز وجل- على أمة المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-.. وذلك لأن رب العالمين يعلم أننا سوف لن نعمل في حياتنا الدنيا، مانحقق به الدرجات العالية في عالم الجنة!.. فجعل لنا ليلة في السنة وهي {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}، والآية لا تقول: ليلة القدر تساوي ألف شهر، بل {خَيْرٌ}!.. يقول البعض: أن ليلة القدر تعادل ألف شهر، من قال بأنها ألف شهر؟.. لعلها ألفي شهر، أو ثلاثة آلاف شهر!.. فنحن لاندري، والقرآن أبهم في هذه النقطة؟!..
- إن ما نقوم به في ليلة القدر، لا يساوي هذا الشعار القرآني {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ}!.. إن على الإنسان أن يعيش حالة من التوتر في ليلة القدر؛ لأنه وقت تقديم الامتحان.. ففي امتحان الثانوية العامة: نرىبعض الشباب، ينتابهم الشحوب، والقلق، والعزوف عن الطعام والشراب؛ لأنه مقدم على امتحان بسيط!.. ونحن في تلك الليلة نُقدم على امتحان عسير!.. فمقدرات السنة تكتب في تلك الليلة.. علينا أن نعيش في تلك الليلة حالة من الاستنفار القصوى؛ لأننا لا نعلم ماذا سيحمل لنا الفجر؟.. فعند مطلع الفجر ترفع أوراق العباد وملفاتهم إلى السماء!.. ولا ندري هل كُتبنا في ظل الذين غُفر لهم أم لا؟.. ألم يقل المصطفى (ص) في بداية شهر رمضان: ) فإن الشقي مَن حُرم غفران الله في هذا الشهر العظيم) !.. وعن الصادق (ع): (من لم يغفر له في شهر رمضان، لم يغفر له إلى قابل؛ إلا أن يشهد عرفة).. ومن منا يضمن أن يشهد عرفة كما يحب الله -عز وجل-؟.. لذا على المؤمن أن يجعل ليلة القدر ليلة فاعلة ومتحركة، تغلب عليها: المراقبة، والذكر الواعي، والتضرع إلى الله -عز وجل-.. فالذي لا تجود عينه بدمعة في ليلة القدر، أو بصرخة، أو بأنة بين يديّ الله -عز وجل- هذا الإنسان عليه أن يحاسب نفسه؟!..
- إن رب العالمين جعل لنا ليلتين مقدمتين، لعل بعض الروايات تُشير بطرفٍ خفي أو جليّ، أن ليلة القدر هي الليلة الثالثة والعشرون!.. إن إحياء ليلتين قبل تلك الليلة، هي لنستعد لتلك الليلة الكبرى، وقبل شهررمضان جعل لنا أيضاً شهرين، لنستعد لشهر رمضان.. وبالتالي، فإن هناك شهرين لنستعد لليلة القدر، وعشرين يوماً لنستعد للعشرةِ الأخيرة.