نفى المرجع الشيعي العلامة محمد حسين فضل الله في آخر لقاء صحفي له قبل وفاته، وجود أي علاقة تنظيمية له بـحزب الله، بل اعترف -في الوقت نفسه- بوجود "خلافات جزئية" بينه وبين إيران والحزب.
وعن سؤال حول علاقته بحزب الله خاصة، قال فضل الله إنه "رغم أن جمهور حزب الله تربى على أفكاري ومحاضراتي.. ورغم أنهم بمثابة أولادي، فإنني لم أكن قط جزءا من الحزب".
وأضاف "ليست هناك علاقة تنظيمية بمعني أنني لست مرشدا لهم بالمعنى الرسمي، كما كان الغرب يطلق علي"، وتابع "لحزب الله رأي ولي رأي وقد نختلف وقد نتفق".
وعن سؤال آخر بشأن "خلافه في وجهات النظر" مع إيران وحزب الله، قال فضل الله "قد تكون هناك خلافات جزئية في بعض الحالات ولكنني لست الآن في وارد الدخول في التفاصيل".
كذبة تاريخية
أما عن موقفه من إسرائيل فعبر عن اعتقاده بأن اليهود "احتلوا فلسطين انطلاقا من كذبة تاريخية مفادها أن الله منحهم هذه الأرض ليقيموا فيها باعتبارها أرضا مقدسة لليهود خاصة، ونحن نعتقد أنه لا أساس لهذه الفكرة".
وأضاف "نرى أن اليهود في سيطرتهم على فلسطين يغتصبون الأرض والإنسان ويقومون بالمجازر الوحشية ضد النساء والأطفال"، مشيرا إلى ما يحصل اليوم مع غزة "التي يحاصرونها ويمنعون أهلها من الحصول على حاجاتهم الطبيعية".
وتابع "نعتقد أن القضية ليست قضية صراع يهودي إسلامي وإنما هي قضية سيطرة شعب على شعب آخر".
وعن سؤال بشأن رؤيته لأسباب الخوف من الإسلام في الغرب أو ظاهرة "الإسلاموفوبيا"، اعتبر العلامة فضل الله أنها عائدة إلى تناقض المصالح، وقال "أتصور أن للغرب مصالح إستراتيجية واقتصادية في العالم الإسلامي، وخاصة في الدول التي تختزن ثروات طبيعية كالبترول".
وأضاف "الغرب يخاف من تعاظم دور الإسلام بحيث يصبح هذا الدور خطرا على مصالحه وعلى أوضاعه الاقتصادية".
واسترسل "الإسلام يريد من أتباعه أن يعملوا على استثمار ثرواتهم وعلى الاستفادة من مواقعهم الإستراتيجية التي يحاول الغرب السيطرة عليها، وبذلك يحصل صراع بين الغرب المتوثب للسيطرة، والعالم الإسلامي، وخصوصا شعوبه الطامحة إلى الاستقلال والتحرر".
حرب دفاعية
وعن سؤال عن أن منتقدين للإسلام يرون أن المسلمين عندما يصلون للقوة "يبدؤون الحديث عن الجهاد وفرض الدين بالإكراه"، قال فضل الله إن الدين لا يعتدي على أحد "ولكن هناك ظروف معينة في العالم قد يواجه فيها المتدينون، مثل غيرهم، تحديات على المستوى الاقتصادي والسياسي، وهنا تكون الحرب دفاعية (وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، فنحن نقاتل من يقاتلنا لا من يسالمنا".
وأضاف "الإسلام لا يفرض نفسه على الناس، فالله يقول (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) والإسلام يدعو إلى نفسه بالطرق الحضارية وليس بالسيف أو غيره".
وحمل فضل الله بشدة على تنظيم القاعدة الذي وصفه بأنه "مرفوض إسلاميا كما هو مرفوض إنسانيا"، لأنه "يبرر قتل كل من يختلف معه في الاجتهاد والرأي، حتى ولو كانوا مسلمين".
وساق العديد من النصوص الشرعية من قبيل (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) للدلالة على أن الإسلام ليس دين عنف بل هو دين مودة ومحبة، فالإنسان المسالم، بحسب فضل الله، "يعيش بيننا، نمنحه حقوقه الإنسانية ونحسن إليه".
وأكد فضل الله أنه "لا يجوز التعرض لأي بريء بحجة أننا نختلف معه، فنحن نريد صداقة العالم الذي يقبل صداقتنا والذي نلتقي معه على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المتبادلة".
وكان فضل الله قد توفي يوم الأحد بنزيف بالمعدة، وشيّع الثلاثاء ببيروت في جنازة شارك فيها عشرات الآلاف بينهم عدد كبير من الشخصيات الدينية والرسمية والسياسية من مختلف الاتجاهات من داخل لبنان وخارجه.