[size=24]
كان سليمان عليه السلام إذا قعد على كرسيه جاءت جميع الطير التي سخرها الله لسليمان فتظل الكرسي والبساط بجميع من عليه من الشمس ، فغاب عنه الهدهد من بين الطير فوقعت الشمس من موضعه في حجر سليمان ، فرفع رأسه ، وقال كما حكى الله : " مالي لا أرى الهدهد " إلى قوله : " بسلطان مبين " أي بحجة قوية ، فلم يمكث إلا قليلا إذ جاء الهدهد فقال له سليمان : أين كنت ؟ قال : " أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين " أي بخبر صحيح " إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ " و هذا مما لفظه عام ومعناه خاص ، لانها لم تؤت أشياء كثيرة منها الذكر واللحية ، ثم قال : وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله " إلى قوله : " فهم لايهتدون " ثم قال الهدهد : " ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات " أي المطر وفي " الارض " النبات ثم قال سليمان : " سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين " إلى قوله : " ماذا يرجعون " فقال الهدهد : إنها في عرش عظيم أي سرير ، فقال سليمان : ألق الكتاب على قبتها ، فجاء الهدهد فألقى الكتاب في حجرها فارتاعت من ذلك و جمعت جنودها وقالت لهم كما حكى الله : " يا أيها الملا إني ألقي إلي كتاب كريم "
أي مختوم " إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم * ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين " أي لاتتكبروا علي ، ثم قالت : " يا أيها الملا أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون " قالوا لها كما حكى الله : " نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد * والامر إليك فانظري ماذا تأمرين " فقالت لهم : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة " فقال الله عزوجل : " وكذلك يفعلون " ثم قالت : إن كان هذا نبيا من عند الله كما يدعي فلا طاقة لنابه ، فإن الله لا يغلب ، ولكن سأبعث إليه بهدية فإن كان ملكا يميل إلى الدنيا قبلها و علمت أنه لايقدر علينا ، فبعثت إليه حقا فيه جوهرة عظيمة ، وقالت للرسول : قل له : يثقب هذه الجوهرة بلا حديد ولا نار ، فأتاه الرسول بذلك فأمر سليمان عليه السلام بعض جنوده من الديدان فأخذ خيطا في فمه ثم ثقبها وأخرج الخيط من الجانب الآخر وقال سليمان لرسولها : " ما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون * ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها " أي لا طاقة " ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون " فرجع إليها الرسول فأخبرها بذلك وبقوة سليمان فعلمت أنه لامحيص لها ، فارتحلت وخرجت نحو سليمان ، فلما أخبر الله سليمان بإقبالها نحوه قال للجن والشياطين : " أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين * قال عفريت " من عفاريت الجن : " أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين " قال سليمان : أريد أسرع من ذلك ، فقال آصف ابن برخيا : " أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " فدعا الله باسمه الاعظم فخرج السرير من تحت كرسي سليمان بن داود عليه السلام فقال سليمان : " نكروا لها عرشها " أي غيروه " ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لايهتدون * فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو " و كان سليمان قد أمر أن يتخذ لها بيت من قوارير ووضعه على الماء ، ثم قيل لها : " ادخلي الصرح " فظنت أنه ماء فرفعت ثوبها وأبدت ساقيها فإذا عليها شعر كثير ، فقيل لها : " إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين " فتزوجها سليمان وهي بلقيس بنت الشرح الجبيرية . (1)-------
(1)البحار ج14 ص110[/size