الألَم والحُرقة والأمَل
قصيدة في رثاء الشهيد محمد الدُّرة وهي لسان حال أبيه جمال الدرة وهو يخاطبه قائلا:
بُنيَّ: مِـنْ أيِّ رُزءٍ فِيـــكَ أبتَــدئُ
وَفِي فؤادِيَ نَــارٌ ليـسَ تَنطَــــفِئُ
بُنَيَّ: يا ألقَ الصُّبحِ الـذي انكَسَـــفَتْ
شُـموسُه، وغــدَتْ فـِي الأفـقِ تَنكفِئُ
بُنَيَّ: يا قطرَةَ العُمــرِ التــي نَضُبتْ
مَــا زِلتُ أرقَبُها إذْ كَظَّنــي الظَّمــَأُ
بُنَيَّ: يا جُرحِيَ الدَّامــِي علــى كَبِدي
بأيِّ ذَنـبٍ لكَ الأعـــداءُ قــَدْ نَكَأوا
عَــدَوا عَليـكَ بأحقَــادٍ مُؤجَّجــَةٍ
تَنــاقَلوها مـِنَ الآبــاءِ إذْ نَشَــأوا
مَا فَتَّ فِي عَضُدِ الجَـــانِي تَوسلُنــا
وَلَمْ يُحرِّكْ ضَمِيــراً نَحــوَنا المَــلأُ
مَضـى الخلائِقُ كُـلٌ فـِي شَــوَاغلِه
وَعدتُ وحــدِيَ فَوقَ الجُــرحِ أتكِـئُ
وهَوَّمَـتْ لِلَذيــذِ النَـــوم أعينُـهمْ
فِي حِين عَيني إلى الأحــزانِ تَلتَجــِئُ
قُلوبُهم مِنْ قَليــلِ الحُــزنِ فَارِغَــةٌ
وَقلبـيَ اليـومَ بالآهــاتِ مُمتــــَلِئُ
بُنيَّ : فِـي جَنَّةِ الفِـردَوسِ مَوعــدُنا
فــاهنأ بعيـشِكَ فِـي أكنـافِ مَنْ هَنَئوا
***
***
بُنَيَّ: عُمــرُكَ لَمْ يُكمِـلْ رِوايتَنـــا
إذْ لَمْ يُخبــركَ عن إرهــابِهم نَــبَأُ
قَالــوا: بأنَّ (كَلـــيمَ اللهِ) قُدوَتُـهم
وهمْ بِتــورَاتِهِ واللهِ مــا عَبـــَأوا
لَمْ يَفقَهوا فِكـرَة ًمِنْ سَمـْحِ شِــرعَتِه
وكِلْمَةً مِنْ هُدَى التَّلمـودِ مــا قَـرَأوا
إنْ يزعمــوا أنَّهـم للصُلحِ قـد لجأوا
أو يَدعوا أنَّهم سِـلْمٌ ، فقَــد خَسِــئوا
شَريعةُ الغَابِ نَهـجٌ يُؤمِنــونَ بِــهِ
ومِنْ ســِواهُ وحَــقِ اللهِ قــد بَرِئوا
كَمْ مِنْ رِقَابٍ بِكَفِّ الغَدرِ قَــد نَحـروا
وأعيــنٍ بِيدِ الطُّغيــانِ قـــد فَقَأوا
في (دِير ياسينَ) في (قَانا) جَــرائِمُهم
تَحكي :بأنـهمُ عنْ دِينــهم صَــبَأوا
قدْ دَنسوا المسجدَ الأقصى وَصــخرَتَه
وفوقَ أرؤسِنا بالنَّعـلِ قــَدْ وَطِــئوا
ما كانَ خِنـــزيرُهم ( شَارونُ ) أولَّهم
بلْ قَبلَه ألفُ خِنـزيرٍ قــدِ اجــترَأوا
خَمسونَ عاماً ودُنِيـا البَغِي بَـــارِزَةٌ
ونَحـنُ فِـي طُهـرِنا المـزعومِ نَختَبِئ
أسيافهم مِنْ بَرِيقِ النَّصــرِ لامِعَــةٌ
وَسـيفُنا يعتليــهِ الخوفُ والصّـــَدَأُ
سَقَوا لنا الذُّلَّ مِنْ كــأسٍ مُصَــبَّرَةٍ
حتى إذا ما شــَرِبنا قَطــرَةً مَــلأوا
لَو سَدُّ مَـأرِبَ فِيــهِ بَعـضُ خَيبَتـِنا
لَمـا بَكَتْ فَقدَهُ بَلقِيــسُ أو ســــَبأ
أصــداءُ ( خَيبرَ) دَوَّتْ فِي مَسـَامعِنا
وعــادَ ( مَرحَبُ) بالإســلامِ يَهتَزِئ
وَدَبَّ في ( الحِصنِ) خَوفٌ من تَجمهُرِنا
حَتــى إذا مَــارَأوا رَايـاتِنا هَـدَأوا
***
***
أبنــاءَ صُهيونَ: والأيـــامُ في دوَلٍ
وليـسَ يبـقَى علـى حــَالاتِهـم مَلأُ
إنْ سَرَّكم زَمَنٌ قَدْ سَــاءَ غَيــرَكـمُ
فَــلا تظنّـوا بأنَّا أُمَّــةٌ هــــُزُؤُ
ولا تَظنّــوا بــأنَّ المــوتَ يُرهِبُنا
فالمسرِعونَ إلى لقيــاهُ مَــا فَتِئــوا
جَرَّبتمونا بِلبنانَ التـــي اندَحــرَتْ
فُلولُكم فَوقَهــا مِنْ بَعــدِ مَــا خَرِئوا
فاسـتَقبلوا قَافِلاتِ المــوتِ وَاحِــدَةً
فِي إثرِ أُخــرَى على هــاماتِكم تَـطَأُ
سَــيقتلُ الجَــديُ ذئباً فِي تَحــفُّزِهِ
وَيصرَعُ الليــثَ فـي إقـدامِـه الرَّشَأُ