أضعف الإيمان - تغييب فضل الله وغيابه
الثلاثاء, 06 يوليو 2010
داود الشريان
لمع نجم السيد محمد حسين فضل الله على الساحة اللبنانية العام 1966، وبدأ نشاطه بطريقة غير حزبية أو مذهبية. في البداية تصرف كصاحب مشروع فكري. في العام 1975 تبدل خط الشيخ النجفي. تسيّس العلامة والمفكر، وصار رمزاً للحركات الشبابية، وتحلّق حوله شباب الحركات الإسلامية، فاتسع ملفه على نهج ملف الحرب اللبنانية. مر بمحاولات اغتيال، وتجييش الشباب، وحماسة الخطاب، ومارس العمل الحركي بكل تفاصيله وتشعباته. ثم قامت الثورة الإسلامية في إيران فرحب بها وأيدها، لكنه سرعان ما اختلف معها، وبدأ صيته يخبو.
كان في الإمكان أن يصبح السيد محمد حسين فضل الله زعيماً روحياً للمسلمين الشيعة خارج الأحزاب، إن شئت زعيماً روحياً للمسلمين خارج المذاهب. كان يمكن أن يكسر احتكار الأحزاب لشيعة لبنان، ويصير حالة ثقافية إسلامية بعيداً من المرجعيات والمشيخيات. لكن الأميركان لم يسمحوا بهذا التطور، فهو وضع على اللائحة الأميركية للإرهابيين العالميين، ورغم ان السيد محمد حسين فضل الله، وقف موقفاً واضحاً من أحداث 11 أيلول (سبتمبر)، ودان قتل المدنيين، ورفض الإرهاب بكل صوره وأشكاله في خطبه وبياناته، إلا أن تاريخه السابق لم يشفع له، فضلاً عن أن موقفه الواضح من دعم مقاومة الاحتلال في العراق، كرّس الموقف الأميركي منه.
بعض الدول العربية كان يدرك، ويراقب تحوّل العلامة محمد حسين فضل الله، ويعلم علم اليقين أن الأموال الإيرانية لا تعرف باب بيته، وبات يسمع أن موقع الرجل الفاضل والعلاّمة الكبير فضل الله كان أشبه بزعيم حزب سابق. لا رصيد له سوى سمعته الطيبة وعلمه الغزير وموقعه الأثير عند الفقراء والبسطاء. لكن حال بعض الدول العربية مع السيد فضل الله وقع في مشكلة «ويلي منك وويلي عليك».
صحيح أن فضل الله كان المرشد الروحي للمقاومة في لبنان، ورحل وهو يتحدث عنها برقي العالم والفقيه، وحصافة السيد الكريم، لكنه في الواقع كان على هامشها، حتى لا أقول إنها أصبحت على هامش تفكيره. الرجل كان صاحب رؤية مستقلة، وملف المقاومة في لبنان لا يحتمل رجلاً بمواصفات السيد محمد حسين فضل الله، لذلك أمضى سنوات عمره الأخيرة في موقع المفكر، بعيداً من أي دور. وهذا التغييب كان بتحالف إيراني - أميركي غير مقصود أو مقصود، وساهم هذا التحالف في ابتعاد الآخرين عن السيد، فترك الجميع محمد حسين فضل الله، وحرم لبنان والمنطقة من دور كان يمكن أن يعاود صوغ المشهد السياسي فيهما.
رحم الله فضل الله.