بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
وعجل فرجهم و أهلك أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
طرف من مواعظ الإمام عليه السلام
إشتدت عرى البلاغة للإمام (عليه السلام) ، فهو بحر لا ينزف و لا يدرك غوره، و قد سخر له الخطاب في إلقاء المواعظ البليغة التي تحمل الحجج البالغة، و تهز السامع و القارئ، و تترك أثرا عظيما في النفس.
و الموعظة عند علي (عليه السلام) تحمل مفاهيم عطاء ثرا، تحدد للمسلم طريقه إلى الله، و أساليب تفاعله مع رسالة الله تعالى و مع الناس من حوله.
و فضلا عما حمله نهج البلاغة من مواعظ لأمير المؤمنين (عليه السلام) ، فإن كتب الوعظ و الإرشاد و التوجيه الاسلامي، لا يكاد يخلو منها كتاب من ذكر طرف من مواعظه (عليه السلام).
و نذكر هنا بعضا من مواعظه التي ضمنها نهج البلاغة:
«أيها الناس!لا تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله، فإن الناس قد اجتمعوا على مائدة شبعها قصير، وجوعها طويل.
أيها الناس!إنما يجمع الناس الرضى و السخط، و إنما عقر ناقة ثمود رجل واحد، فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى، فقال سبحانه: (فعقروها، فأصبحوا نادمين) فما كان إلا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الأرض الخوارة.
أيها الناس!من سلك الطريق الواضح ورد الماء، و من خالف وقع في التيه» (1).
«أيها الناس!إنما الدنيا دار مجاز، و الآخرة دار قرار، فخذوا من ممركم لمقركم، و لا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، و أخرجوا من الدنيا قلوبكم، من قبل أن تخرج منها أبدانكم، ففيها اختبرتم، و لغيرها خلقتم. إن المرء إذا هلك قال الناس: ما ترك؟و قالت الملائكة: ما قدم؟لله آباؤكم: فقدموا بعضا يكن لكم قرضا، و لا تخلفوا كلا فيكون فرضا عليكم» (2).
«أوصيكم عباد الله، بتقوى الله، التي هي الزاد و بها المعاذ: زاد مبلغ، و معاذ منجح، دعا إليها أسمع داع، و وعاها خير واع، فأسمع داعيها، و فاز واعيها.
عباد الله إن تقوى الله حمت أولياء الله محارمه، و ألزمت قلوبهم مخافته، حتى أسهرت لياليهم، و أظمأت هواجرهم، فأخذوا الراحة بالنصب، و الري بالظمأ، و استقربوا الأجل فبادروا العمل، و كذبوا الأمل فلاحظوا الأجل» (3).
المصادر :
1ـ نهج البلاغة/نص رقم 201/باب الخطب. السخط: الغضب. ثمود: قوم نبي الله صالح (عليه السلام).
خارت: من الخوار صوت الثور، أي حين خسف الله أرضهم كان لها صوت كصوت الثور. السكة المحماة : حديدة المحراث. الأرض الخوارة: اللينة الهشة.
2ـ نهج البلاغة/نص رقم 203. مجاز: ممر إلى الآخرة.
3ـ نهج البلاغة/نص رقم 114. و عاها: فهمها و حفظها. حمت: منعت، يعني التقوى منعت الأولياء من ارتكاب الجرائم. الهواجر: الأيام الشديدة الحر و مع شدة حرارتها فقد أظمأ المتقون أنفسهم فيها صوما. النصب: التعب.
نسألكم الدعاء